بسم الله الرحمن الرحيم
1409
ترك الأحمدية وإعتناق الإسلام
{وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}
الصراع بين الحق والباطل: وإنتصار الحق على الباطل
لم يتوقف الصراع بين الحق والباطل لحظة ولكنه صراع مستمر استمرار وجودنا على هذه البسيطة، فنحن بين خيارين: إما اتباع الحق أو اتباع الباطل.
لقد أكمل الله لنا ديننا الإسلام وجعل الحق كلّ الحق مع متبعيه وجعلهم المنصورين على غيرهم بالحجة والدليل والبرهان. لكن ليس بالحجة والدليل والبرهان وحده تكتمل عزة المسلمين بل بالعمل بما أنزل الله - كتابه الكريم - كله وليس بهذا الجزء منه أوذاك فقط ،ونبذ كل ما يخالف تعاليمه السامية.
وهكذا شهد التاريخ أنه مع ظهور الحق وزهوق الباطل لا يملك الباطل خياراً غير المكر والخديعة لقتال الحق وأهله.
سعيد ذلك الانسان الذي يريه الله تعالى الحق حقاً ويرزقه اتباعه ويريه الباطل باطلاً ويرزقه اجتنابه.
الطريق إلى الهداية:
كان يوم الإثنين 14/12/1409 الموافق 17/7/89 يوماًً تاريخياً وهاماً في حياتي، يوم بدأت رحلتي مع الإسلام بعد أن هداني الله إلى هذا الدين العظيم الذي أنعم الله به على العالمين.
لقد نشأت منذ مولدي عام 1375 في طائفة (منحرفة) تنتسب إلى الإسلام تدعى الأحمدية، تلك الطائفة التي يؤمن أتباعها بصدق مدعي النبوة (مرزا غلام أحمد) القادياني الهندي (1835-1908) وبكونه مسيحاً ومهدياً.
وتزعم تلك الطائفة أنها تمثل الإسلام الصحيح وأن كل مخالف لهم من المسلمين في النار باعتبار أنهم ليسوا من الفرقة الناجية ..
كنت أدعو الله تعالى مراراً وتكراراً وأنا أفكر في أمر "الأحمدية" قبيل خروجي منها قائلاً: اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه. ويعلم الله كم كنت بحاجة إلى عونه وهدايته وما زلت.
هذا الدعاء ضروري ليس لغير المسلم فقط بل للمسلم أيضاً فلطالما وقف المسلم أمام خيارين لا يدري أيهما أنفع له ولطالما اعتقد في شيء أنه صحيح وكان ذلك الشيء خطأ فهذا الدعاء هام جدا، وفي وجوب قراءة سورة الفاتحة في كل صلاة إشارة إلى أهمية طلب الهداية من الله سبحانه تعالى كل حين قبل الإسلام وبعده.
بقيت ثابتا على هذا الدعاء أكرره ليل نهار إلى أن هداني الله إلى الحق وعرفت أن الأحمدية ليست سوى زيف ومؤسسها ليس سوى دجال ، وعرفت بأن الإسلام دين كامل ليس فيه نقص وأن المسلمين ليسوا بحاجة إلى نبي أو مرسل بعد محمد خاتم النبيين، وكتاب الله بين أيديهم ذلك الكتاب الذي يهدي من اتبعه إلى الصراط المستقيم ويجعله في مصاف المنعم عليهم والمقربين إلى الله.
فبعد التعرف على "الخليفة" وحاشيته عن كثب وبعد عملي في نشر تعاليم الأحمدية وإدخال المسلمين في هذه الجماعة والإشتراك في المباهلة بين "الخليفة" ومعاديه من المسلمين والتي تبعها موت (ضياء الحق) رئيس باكستان، والاحتفالات بمرور مائة عام على تأسيس الأحمدية، جاء الوقت عندي لوضع الأحمدية في الميزان فأخذت أقرأ كتب (مرزا غلام) ووحيه من جديد، وهذه المرة بعين ناقدة وقلبٍ واعٍ مستعينا بالله، لأجد أن ما يجادلنا المسلمون به في شخص (مرزا غلام) ودعوته ليس كله خطأ كما كنت أعتقد، وأن التفاسير والتأويلات التي طالما اعتمد دعاة الأحمدية عليها في نشر دعوتهم بعيدة عن الحق والصواب، وهذا نموذج منها:
1- علاقة مرزا غلام أحمد (المتنبئ) بالإنجليز لم تكن مجرد علاقة بين مسلم أراد أن يشكر من أحسن إليه كما كنت أبين ذلك لغير الأحمديين، بل هي أقرب إلى علاقة خادم بمخدوم. يقول مرزا غلام :" لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصرتها "( خزائن15 ص 155) ويقول : " ولا يخفى على هذه الدولة المباركة (بريطانيا) أنا من خدامها ونصحائها ودواعي خيرها من قديم وجئناها في كل وقت بقلب صميم"( خزائن8 ص 36).
" يجب على كل مسلم طاعة هذه الحكومة طاعة صادقة "( خزائن15 ص 114) .
أضف إلى ذلك التذلل الشنيع لمرزا غلام (النبي) أمام الملكة (فيكتوريا) من خلال مراسلاته إليها والذي لم أكن أستسيغه حتى في أشد فترات تعلقي بالأحمدية .
2- إلغاء الجهاد لم يكن فيه مصلحة قط إلا لبريطانيا، وليس وحياً تنزل على "المهدي" كما كنا ندّعي . يقول (مرزا غلام) :" لقد ألغي اليوم حكم الجهاد بالسيف فلا جهاد بعد هذا اليوم ، فمن يرفع السلاح على الكفار يكون مخالفاً لرسول الله .. اني أنا المسيح الموعود ولا جهاد بالسلاح بعد ظهوري الآن" ( خزائن16 ص 28 معرب) .
3- التناقض في دعاوى (مرزا غلام) القادياني وأقواله واضح جدا مهما حاولنا تأويلها: إذ أنه يقول: "وليكن واضحاً أننا نلعن كل من يدّعي النبوّة "( اشتهارات 2 ص297) ثم يدّعي النبوّة قائلا: " لقد جعلني الله نبياً وخاطبني بهذا اللقب بكل صراحة " ( خزائن22 ص 154) ويصرح في مكان آخر قائلا: " إننا نكذّب ونكفّر كل من يدعي النبوة والرسالة بعد الرسول محمد خاتم المرسلين " ( اشتهارات 1 ص230)، ثم يدعي الرسالة قائلا: صدق الله الذي أرسل رسوله (يعني نفسه) في القاديان (خزائن18 ص231)
4- كما أن دعايتنا بكون (مرزا غلام) خادما للرسول محمد صلى الله عليه وسلم لا تتفق وادعاءات (مرزا غلام) نفسه بأنه الظهور الثاني والكامل لمحمد صلى الله عليه وسلم . يقول (مرزا) في كتابه خطبة الهامية :" طلعت روحانية نبينا صلى الله عليه وسلم في الألف الخامس بإجمال صفاتها وما كان ذلك منتهى ترقياتها .. ثم كملت وتجلت تلك الروحانية في آخر الألف السادس أعني هذا الحين . لتبلغ كمال ظهورها وغلبة نورها ، فأنا ذلك المظهر الموعود والنور المعهود. فآمن ولا تكن من الكافرين... واعلم أن نبينا صلى الله عليه وسلم كما بعث في الألف الخامس كذلك بعث في آخر الألف السادس باتخاذه بروز المسيح الموعود ".. " بل الحق أن روحانيته عليه السلام كان في آخر الألف السادس أعني هذه الأيام أشد وأقوى وأكمل من تلك الأعوام " .( خزائن16 ص 266-272)
يقول:" فأراد الله أن يكمل البناء (يعني بناء النبوة) ويتمه باللبنة الأخيرة فأنا تلك اللبنة أيها الناظرون".( خزائن 16 ص 178) ويضيف في مكان آخر: " إن الروضة الإنسانية كانت لا تزال ناقصة (حتى بعد ظهور محمد صلى الله عليه وسلم)إلى أن تمت بأوراقها وثمارها الآن" ( خزائن21 ص 144 معرب) .
5- ومن التناقضات الأخرى في مؤلفات (مرزا غلام) ما تجده أيضاً في مسألة الوحي، يقول (مرزا غلام) : " لا تكونوا أعداء القرآن فتقولوا أن سلسلة وحي النبوة جارية ما انقطعت بعد خاتم النبيين" ( خزائن4 ص 335) ولكنه يقول فيما بعد: " لقد أوحى الله إلي وحياً تشريعياً أيضاً " (هذا بالإضافة إلى ذلك الوحي الذي ادعى هبوطه عليه بلغات شتى) ( خزائن17 ص435 ) . ومن الجدير بالذكر أن جميع الوحي الذي ادعى (مرزا غلام) هبوطه عليه قد جمع في كتاب "التذكرة" وهو كتاب محدود الانتشار حتى بين الأحمديين أنفسهم.
"يهدي الله لنوره من يشاء" (النور 35)
"وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين"(التكوير 29)
لقد وجدت نفسي أمام أهم قرار أخذته في حياتي، انه قرار العمر كله. هل أتبرأ من هذا المذهب الذي ولدت فيه ونشأت عليه إلى أن أصبحت أحد دعاته، وأقبل الإسلام أم لا؟!
لم يكن القرار سهلاً على الرغم من أنه قد يبدو للبعض كذلك فإنني بقراري هذا سأتخلى عن كل شيء اسمه أحمدي أو أحمدية ، سأتخلى عن أهلي وأقاربي حتى زوجتي لم تكن قد اقتنعت بعد بضلال الأحمدية، ولا أدري ماذا سيكون مصير أبنائي وبناتي ، ولكني وبعون الله قررت ترك الأحمدية ، راضيا بالإسلام الذي جاء به الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، من غير إضافة إليه أو تبديل وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله.
لقد هدى الله زوجتي كذلك إلى الإسلام فتركت الأحمدية، وقد رأت عزمي على ترك الأحمدية معها أو بدونها فاختارت أن تكون إلى جانبي على الرغم من المحاولات "الأحمدية" لإيقافها فتركنا بعون الله الكفر و ذلك يوم الإثنين 14/12/1409 متجهين جميعا إلى الإسلام عالمنا الجديد . وكان أكبر أبنائنا الاربعة حينئذ ابن ثمان سنوات.
"وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" (الاسراء 81)
لقد كان عام 1409 بالنسبة لي عام الصراع بين الحق والباطل وانتصار الحق بفضل الله على الباطل. عام التخلي عن الأحمدية واعتناق الإسلام.
إنها عملية غير يسيرة، ليس الانتقال من مكان إلى آخر فحسب بل من حياة- بكل ما تحتويه من عقيدة وعمل ومنهج- إلى حياة أخرى بعقيدة أخرى وعمل ونهج مختلف. لم أقتنع يوماً بأن الإسلام ليس هو الدين التام والكامل لبني الإنسان ولكن كنت أرى أن كمال الإسلام وتمامه هو بإتباع المتنبئ (مرزا غلام) القادياني إلى أن هداني الله إلى حقيقة أن الإسلام دين كامل وتام دون (مرزا غلام)، ولا يحتاج بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاتم النبيين إلى نبي أو رسول أو مهدي أو مسيح ليكمله أو يتمه.
وأن كلّ متمسك بكتاب الله عامل به - كما أمره الله ورسوله - هو من الناجين بفضل الله - وقد أتم الله لنا ديننا وأكمله بإنزال كتابه الكريم ذلك الكتاب الذي لا يأتيه االباطل من بين يديه ولا من خلفة هدى وموعظة للمتقين.
وعلى الرغم من كون ديننا واحداً هو الإسلام، وكتابنا واحداً هو القرآن الكريم ورسولنا واحد هو محمد عليه الصلاة و السلام لم أجد المسلمين بعد ان هداني الله إلى الإسلام - وللأسف - موحدين مجتمعين على كلمة واحدة أو كيان واحد أو هدف واحد. وبالرغم من أن الإسلام يدعونا لنكون أمة واحدة يجمعنا هدف واحد ونظام واحد ارتضاه الله لنا فإنني وجدت المسلمين متفرقين لا هدف يجمعهم ولا قيادة رشيدة تؤلف بينهم. وقد بدأ يتضح لي شيئا فشيئا – كما سأبينه في هذا الكتاب بعون الله - السبب وراء ضعف هذه الأمة على الرغم من كونها تنتسب إلى أعظم وأعز دين عرفه الوجود، دين الله. فقد ترك كثير من المسلمين العمل بما أنزل الله ولم يتحدوا خلف قائدهم الدائم ( كتاب الله) و فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل فريق بما لديهم فرحون.
فما أن أعلنت براءتي من الأحمدية وشاع النبأ في الصحف والمجلات حتى بدأت وفود وعروض تصل إلي للانتماء إلى أصحابها والتحزب معها . وأحمد الله الذي ثبت أقدامي على صراطه المستقيم فلم أقبل بديلا عن القائد والمرشد الأبدي كتاب الله فهو الإمام وهو المرشد الدائم لي ولجميع المسلمين.
****
{وتلك الأيام نداولها بين الناس} (آل عمران 140)
ليست هذه الأيام التي نحياها سوى اختبار ليرى الله من منا أحسن العمل فيها وهكذا قضى الله ان يداولها بين الناس "وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين: (آل عمران 140)
ليس المهم كم من العمر أعطاك الله لتعيش على هذه الأرض، لكن المهم ما الذي عملته خلال ذلك العمر طال أم قصر.
من أحداث عام 1409
كان هذا العام باختصار عام الصراع بين الحق والباطل بالنسبة لي وقد انتصر الحق وزهق الباطل إذ هداني الله في أواخر هذا العام إلى ترك الفئة الضالة والعقيدة القاديانية (الأحمدية) المنحرفة وقبول الإسلام البريء منها ومن أمثالها من العقائد المنحرفة والفئات الضالة التافهة. فالحمد لله رب العالمين . لقد ذكرت أحداث هذا العام بشكل مفصل في كتابي السابق (الأحمدية عقائد وأحداث) وأهم ما فيه يوم خروجي من الأحمدية.
ذوالحجة 1409
الإثنين 14/12/1409 الموافق 17/7/1989: تركت الأحمدية ومقرها في "إسلام اباد" (تلفورد) (في محافظة ساري ببريطانيا) حيث كنت أعمل مديراً عاماً لدائرة الشؤون العربية في الجماعة الأحمدية وداعياً إلى هذه الفرقة المنحرفة لأنتقل إلى (سلاو) (بلدة في محافظة بركشاير ببريطانيا) لأبدأ حياةً إسلاميةً جديدةً في بريطانيا.
الجمعة 18/12/1409: أعلنتُ براءتي من الأحمدية في مسجد (سلاو) وقبولي الإسلام أمام جموع المصلين بعد الانتهاء من خطبة الجمعة وقد استقبل الحاضرون الإعلان بالتكبير والحمد.
باختصار
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"( الرعد –11) – ومن يشاء التقرب إلى الله يجده قريبا منه ومن يطلب الهداية منه بإخلاص يجدها - و"من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام"( الأنعام 125).
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزل السكينة علـينا وثبت الأقدام إن لاقينا