السلفية القاديانية
كتبه : حسين بن محمود
لعل البعض يستغرب من هذا العنوان ، ولكن أدعو مَن كان هذا شأنه أن يقرأ المقالة كاملة حتى يعرف المقصود .
أسس الحركة القاديانية ( سنة 1900 م ) في شبه القارة الهندية " ميرزا غلام أحمد القادياني "
المولود عام (1839 م - هلك سنة 1908م) في قرية " قاديان " في مقاطعة البنجاب الهندية ..
كانت حركة " سير سيد أحمد خان " التغريبية قد مهدت لظهور القاديانية بما بثته من الأفكار المنحرفة ، فاستغل الإنجليز هذه الظروف , وصنعوا الحركة القاديانية , واختاروا لها رجلاً من أسرة عريقة في العمالة ، حيث أن " ميرزا " هذا ينتمي إلى أسرة اشتهرت بخيانة الدين والوطن ،
وكان للحكومة البريطانية أفضال كثيرة على عائلته ، فأظهرت عائلته الولاء لها ، فنشأ غلام أحمد وفياً للاحتلال البريطاني مطيعاً له في كل حال .
بدأ غلام أحمد نشاطه كداعية إسلامي ، ثم ادعى أنه مُجددٌ ومُلْهَم من الله ، ثم تدرج خطوة أخرى , فادَّعى أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود ، ثم ادَّعى النبوة , وزعم أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فاتبعه مَن اتبعه من الدهماء والغوغاء وأهل الجهل والمصالح الدنيوية .
كان لتعيين " ظفر الله خان القادياني " كأول وزير للخارجية الباكستانية أثرٌ كبير في دعم هذه الفرقة الضالة , حيث خصص لها بقعة كبيرة في إقليم البنجاب لتكون مركزاً عالمياً لهذه الطائفة ,وسموها " ربوة " استعارة من نص الآية القرآنية (وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِين) " المؤمنون : 50
وفي عام 1953م قامت ثورة شعبية في باكستان , طالبت بإقالة " ظفر الله خان " وزير الخارجية حينئذ واعتبار الطائفة القاديانية أقلية غير مسلمة ، وقد قُتل فيها حوالي العشرة آلاف من المسلمين الباكستانيين , ونجحوا في إقالة الوزير القادياني ، ولله الحمد .
يتمركز معظم القاديانيين اليوم في الهند وباكستان ، وقليل منهم في فلسطين المحتلة يعملون لليهود ، وهم منتشرون في العالم العربي والإسلامي ويسعون - بمساعدة النصارى واليهود - للحصول على المراكز الحساسة في كل بلد يستقرون فيه .
وللقاديانيين نشاط كبير في أفريقيا ، وفي بعض الدول الغربية ( كبريطانيا وأمريكا ) ، ولهم في أفريقيا وحدها ما يزيد عن خمسة آلاف مرشد وداعية , متفرغين لدعوة الناس إلى القاديانية ، ونشاطهم الواسع هذا مدعوم من قبل الدول الغربية واليهود لأسباب معروفة .
لقد تصدّى علماء الإسلام لهذه الحركة عبر السنين :
وممن تصدى لهم ولدعوتهم الخبيثة ، الشيخ " أبو الوفاء ثناء الله الأمرتستري " أمير جمعية أهل الحديث في عموم الهند ، حيث ناظر " ميرزا غلام " وأفحم حجته ، وكشف خبثَ طويته ، وكفرَ وانحرافَ نحلته .
ولما لم يرجع غلام أحمد إلى رشده , بَاهَلَهُ الشيخ أبو الوفا على أن يموت الكاذب منهما في حياة الصادق ( هنــــا) ، ولم تمر سوى أيام قلائل حتى هلك " الميرزا غلام أحمد القادياني " في عام 1908م مخلفاً أكثر من خمسين كتاباً ونشرة ومقالاً ( ومن أهم كتبه : إزالة الأوهام ، إعجاز أحمدي ، براهين أحمدية ، أنوار الإسلام ، إعجاز المسيح ، التبليغ ، تجليات إلهية).
وقام مجلس الأمة في باكستان ( البرلمان المركزي ) بمناقشة زعيم الطائفة " ميرزا ناصر أحمد " والرد عليه من قبل الشيخ مفتي محمود رحمه الله . وقد استمرت هذه المناقشة قرابة الثلاثين ساعة , عجز فيها " ناصر أحمد " عن الأجوبة , وانكشف النقاب عن كفر هذه الطائفة ، فأصدر المجلس قراراً باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة ( الكتاب هنا).
وفي شهر ربيع الأول 1394هـ الموافق إبريل 1974م انعقد مؤتمر كبير برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة , وحضره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية من جميع أنحاء العالم .. وأعلن المؤتمرُ كفرَ هذه الطائفة , وخروجها عن الإسلام .. وطالب المسلمون بمقاومة خطرها , وعدم التعامل مع القاديانيين , وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين .
هذه نبذة سريعة عن تاريخ الحركة القاديانية ، والذي يهمنا هنا هو :
الأسباب التي أدّت إلى ظهور الحركة القاديانية ،
وما تدعوا له هذه الحركة ،
وما تهدف إليه !!
نقول :
لا تحتاج عَمَالة هذه الطائفة الكافرة للإنجليز إلى أيّة أدلة ، فهم صناعة إنجليزية خالصة ، ويكفي أن نُشير إلى أن الإنجليز هم الذين وضعوا تاج الخلافة على رأس " نور الدين " الخليفة الأول للقاديانية ، والحكومة الإنجليزية تسهّل لأتباع هذه الحركة التوظف بالدوائر الحكومية العالمية
وفي إدارة الشركات والمفوضيات , وتتخذ منهم ضباطاً من رتب عالية في مخابراتها السرية ..
ويوجد في بريطانيا قناة فضائية باسم التلفزيون الإسلامي يديرها القاديانية .
لقد قامت الحركة القاديانية لأسباب واضحة ومدروسة من قبل البريطانيين المحتلين لشبه القارة الهندية آنذاك .. وتتضح أسباب قيامها في معتقداتها المعلنة التي روّجت لها ، ولا زالت ، تروّج لها منذ أكثر من مائة سنة ..
فمن أهم معتقدات الحركة :
1- زعم " ميرزا غلام " أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم !
2- يعتقدون بأن الله يصوم , ويصلي , وينام , ويصحو , ويكتب , ويخطئ , ويجامع -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً - !
3-يعتقدون بأن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم , بل هي جارية ، والله يرسل الرسول حسب الضرورة ، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعاً !
4- يعتقدون أن جبريل عليه السلام كان ينزل على غلام أحمد , وأنه كان يوحى إليه ، وأن إلهاماته كالقرآن !
5- يقولون: لا قرءان إلا الذي قدمه المسيح الموعود ( الغلام ) ، ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعليماته ، ولا نبي إلا تحت سيادة " غلام أحمد " !
6- يعتقدون أن كتابهم منزل واسمه الكتاب المبين وهو غير القرآن الكريم !!
7-يعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل وشريعة مستقلة , وأن رفاق الغلام كالصحابة !
8-كل مسلم عندهم كافر حتى يدخل القاديانية : كما أن مَن تزوج أو زوّج من غير القاديانيين فهو كافر !
9-يبيحون الخمر والأفيون والمخدرات !
10-يعتقد القادياني بأن إلَهه إنجليزي لأنه يخاطبه بالإنجليزية !
11- نادوا بإلغاء عقيدة الجهاد
كما طالبوا بالطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية؛ لأنها - حسب زعمهم - ولي الأمر بنص القرآن!
مع " السلفية القاديانية " !
قاديانية " ميرزا غلام " تشابهها حركة أُخرى , ظهرت في بلاد العرب , أطلق عليها البعض " مرجئة العصر " أو " الجبرية " أو غيرها من الألقاب التي تزخر بها الساحة ، ولكن المتمعن في عقيدة القاديانية يرى تطابقاً عجيباً بينها وبين هذه " السلفية المتقدينة " :
- فالقادياني الأول بدأ بالدعوة إلى الإسلام , وتدرج في الدعوة حتى استطاع أن يهدم الكثير من العقائد الإسلامية في قلوب أتباعه ..
و " قاديانية السلفية " أيضاً يتدرجون في بث أفكارهم عن طريق استخدام النصوص الشرعية في غير محلها لاستدراج السامع أو ا لمتتبع لهم إلى أمورٍ تتعارضُ وأحكامَ وثوابتَ الشريعة الإسلامية .
- القاديانية الهندية كانت وليدة الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية ، و " القاديانية السلفية " وليدة الاحتلال الأمريكي للدول العربية .
- البريطانيون كانوا يبوّؤون القاديانية أعلى المناصب في الوزارات والحكومات ، وكذلك تفعل الحكومة الأمريكية من تمكين " قاديانية السلفية " في المراكز والمناصب الحساسة في الدول العربية لضمان ولائهم لها .
- القاديانية الأصلية كانت تمجد البريطانيين وتعتبر الإله بريطاني اللسان فقط ، أما " القاديانية السلفية " فلهم آلهة عدة : فحكوماتهم آلهة يعبدونها من دون الله : يُشرّعون لهم القوانين والأحكام , ويحرمون لهم الحلال , ويحلون الحرام , فيتبعونهم ، وهذه الحكومات إنما تعبد الإله الأكبر ( عندهم ) " أمريكا " ، فهي التي تُملي لهم هذه النظم وهذه القوانين , فيتبعونها , ويُطيعونها طاعة عمياء .. فـ " قاديانية السلفية " عُبّاد للعبيد الذين استعبدهم الكفار ، فهم أعظم شأناً في هذا من قاديانية " ميرزا غلام " .
- القاديانية الأولى كانت تبيح الخمر والمخدرات ، والقاديانية السلفية تُبيح ما هو أعظم من ذلك : موالاة الكفار ، والحكم بغير ما أنزل الله ..
وتستبيح قتل المؤمنين المجاهدين , وتحاربهم , وتطاردهم في كل مكان .
- القاديانية الأولى يكفرون كلَّ مِن لَم يدخل في جماعتهم ، والقاديانية السلفية يَسِمون مَن لا يعتقد ما يعتقدون من موالاة الكفار ومعاداة المؤمنين المجاهدين والعلماء العاملين ، يَسِمُونهم بالخوارج !
- يعتقد القاديانيون الهنود بأن جبريل عليه السلام كان ينزل على " غلام أحمد " وأنه كان يوحى إليه ، وأن إلهاماته كالقرءان .. وقاديانيّو السلفية يعتقدون بأن كلام حكامهم أو عملاءهم ( وليسوا علماء )
أحكامُهم وحيٌ من الله , لا ينبغي أن يردّه أحدٌ ولا أن يجادل فيه أحد .
- قاديانية " غلام أحمد " يقولون : لا قرءان إلا الذي قدمه المسيح الموعود ( الغلام ) ، ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعليماته !
وقاديانية السلفية جعلوا تفسيرَ النصوص الشرعية حكراً على علمائهم ( العملاء ) ،
فلا نظر إلا ما نظروه , ولا فهم إلا ما فهموه !
- طالبت " القاديانية الميرزوية " بالطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية لأنها حسب زعمهم وليُّ الأمر بنص القرآن !
واستبدلت القاديانيةُ السلفية الحكومةَ الإنجليزية بالحكومات العميلة للأمريكان ، المبدلة لشرع الله ، المعادية لأولياء الله ، الموالية لأعداء الله , فحرموا الخروج عليهم أو الإنكار عليهم أو عصيانهم
لأنهم ولاة أمر بنص القرآن الذي احتكروا هم تفسيرَه وفق ما يوافق هوى هؤلاء الحكام .
- أما الهدف الحقيقي والأكبر وراء قيام الإنجليز بدعم القاديانية الأولى فكان لإلغاء الجهاد ،
وما هذه المعتقدات المنحرفة الضالة إلا تمهيد لهذه الفكرة الخبيثة
من قتل لروح الجهاد في قلوب المؤمنين , ومحاولة ثنيهم عن مقاومة الاحتلال ، وانظر كيف استخدم القاديانييون مصطلح " ولاة الأمور " لإضفاء الشرعية على مخططات أسيادهم البريطانيين ..
وها هي القاديانية تخرج لنا من جديد متلفحة بثوب " السلفية " لقتل روح الجهاد في الأمة ,
وإجهاض أية مقاومة للاحتلال الأمريكي لبلاد العرب بحجة أن هؤلاء الأمريكان من أهل الأمان والهدنة والذمة ، وكلها مصطلحات شرعية , أُنزلت في غير محلها لحاجةٍ في نفس الصليبيين , وأذنابهم المنافقين " القاديانيين العرب " .
( هناك قواسم كثيرة مشتركة بين القاديانيتين ، ولا يسعنا هنا ذكرها جميعاً ، فحسبنا ما ذكرناه )
لقد تأثر بعضُ الطيّبين بهذه الانهزامية النفسية التي يروج لها " العملاء " ، وإنما هذا التأثير نتيجة الحملة التغريبية المستمرة منذ أكثر من ثلاثمائة سنة .. هي نتيجة الدعايات الغربية التي تضخم قوة الغرب وسطوته في مقابل تحقير القوة الإسلامية وفاعليتها !
لقد صدّق بعضُ الطيّبين هؤلاء العملاء والادعاءات الغربية التي تروّج :
أن أمريكا والدول الغربية أقوى من أن يكون المسلمون لهم أنداداً .. هذا الخوف الذي صرفه هؤلاء للغرب الكافر , كان الأولى به أن يستثمر في الخوف من الله والثقة به وبوعده .
لقد ظهرت القاديانية الأولى في بلاد غلب على أهلها الجهل والتخلف والبعد عن الدين ,
فأصابت هوى في نفوس بعض المنافقين والمبتدعين , فكُتب لها الانتشار ، أما " السلفية القاديانية " فقد ظهرت في مكان عمَّه العلمُ وأمَّه العلماءُ , فأصبح أتباعُها شرذمةً , منبوذةً , مذمومةً ,
يحاول الحكام ترقيع أثوابها الممزقة , ولكن هيهات هيهات ، إن الدعاة والعلماء والغيورين على هذا الدين لهم بالمرصاد " يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ " (التوبة 32)
ليرقد القاديانيةُ السلفية في بيوتهم , وليحلُموا بإيقاف حوافر الخيل وتكبيرات الليوث التي تُرعب الدنيا ، لن يتوقف الجهاد أبداً ما دام على ظهرها مؤمن ..
لقد أخبرنا نبي الله " محمد بن عبد الله " صلى الله عليه وسلم بأنه :
" لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُم مَنْ خَذَلَهُمْ ، وَلا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ " رواه البخاري
لقد فضح المجاهدون " القاديانيةَ السلفية " ,وبيَّنوا زيفَ ادعاءاتهم وادعاءات أسيادهم وأربابهم من الغربيين والحكام المنافقين .. إن الغرب الهزيل ، بل العالم الكافر بأسره لَيقف عاجزاً أمام ثُلّة من الرجال , حملوا على عاتقهم مسؤولية النهوض بالأمة الإسلامية ..
هذه الثلة المؤمنة المجاهدة سطَّرت بأفعالها سيرةَ السلف من جديد ..
هؤلاء الرجال برهنوا للعالم بأن الأمة الإسلامية ليست ندّاً عسكرياً للغرب فقط ، بل إن هذه الأمة العظيمة أقوى بكثير مما يظن مَن لا علمَ له بحقيقة العقيدة الراسخة
إذا خالجت القلوبَ وكانت هي المحرك الأساسي لعجلة الحياة فيها .
حسين بن محمود